الصحة الجنسية

ما هو علاج الوسواس القهري

الشيزوفرينيا أو انفصام الشخصية

الشيزوفرينيا، أو الفُصام العقلي، هو اضطراب نفسي معقد ومزمن يؤثر بشكل كبير على التفكير والإدراك العقلي للمصاب. يعاني الأشخاص المصابون بالشيزوفرينيا من صعوبة في التواصل مع الآخرين وفهم الواقع بشكل صحيح، مما يؤثر سلبًا على حياتهم اليومية. تتمثل أعراض المرض في مجموعة من التشوهات النفسية والعقلية التي قد تتفاوت في شدتها، مثل الهلوسات، والأوهام، واضطرابات التفكير، وتراجع القدرة على التعبير عن المشاعر. بالرغم من أن هذا المرض يُعتبر مزمنًا، فإن العلاجات المتوفرة تساعد على التخفيف من الأعراض وتحسين نوعية حياة المصابين.

أعراض الشيزوفرينيا

تختلف أعراض الشيزوفرينيا من شخص لآخر من حيث النوع والشدة، وقد تتغير بمرور الوقت. من المهم أن نعرف أن المصابين بالشيزوفرينيا لا يعانون من جميع الأعراض التي سيتم ذكرها، ولا تظهر الأعراض في نفس النمط أو بالشدة نفسها في كل الحالات. أيضًا، يمكن أن تختلف الأعراض من مرحلة إلى أخرى في حياة المريض، وقد تتداخل مع حالات طبية أخرى. في البداية، قد تظهر الأعراض بشكل تدريجي، وقد تكون خفيفة، مما يجعل من الصعب التعرف عليها في البداية. هذه المرحلة المعروفة بالمرحلة البادرة (Prodromal period) قد تستمر من بضعة أيام إلى عدة سنوات. في بعض الحالات، تبدأ الأعراض بشكل مفاجئ. من بين الأعراض المبكرة التي قد تظهر في هذه المرحلة:

  • الاكتئاب، والشعور بالانطوائية.
  • إهمال النظافة الشخصية والعناية بالمظهر.
  • عدم القدرة على التعبير عن المشاعر مثل الفرح أو الحزن، أو حتى البكاء.
  • اضطرابات النوم، مثل الأرق أو النوم المفرط.
  • ضعف التركيز والنسيان المتكرر.
  • الأفكار والسلوكيات الغريبة، مثل استخدام كلمات غير معتادة أو أسلوب غريب في الحديث.
  • العدوانية أو التفاعل العاطفي غير المتناسب مع المواقف، مما يسبب ردود فعل شديدة تجاه الانتقادات.
  • زيادة الشكوك والاعتقاد أن الآخرين قد يتآمرون ضدهم.

بعد هذه المرحلة، تظهر الأعراض الأكثر وضوحًا والتي يمكن تصنيفها إلى فئات رئيسية تشمل الأعراض الإيجابية، السلبية، والإدراكية.

الأعراض الإيجابية
تتعلق الأعراض الإيجابية بتواجد أفكار أو تصرفات لا أساس لها من الواقع، وتعتبر إشارات واضحة لفقدان الاتصال بالعالم الواقعي. تشمل:

  • الأوهام: يعتقد المصاب بأشياء غير حقيقية، مثل أن لديه قوى خاصة أو أنه مراقب من قبل الآخرين، على الرغم من عدم وجود دليل يثبت صحة هذه الأفكار. قد تشمل هذه الأوهام أفكارًا غريبة وغير منطقية.
  • الهلوسة: هي إدراك أشياء غير موجودة في الواقع. يمكن أن تشمل الهلوسة السمعية (مثل سماع أصوات غير موجودة) أو الهلوسة البصرية (مثل رؤية أشياء غير موجودة)، ولكن الهلوسات السمعية تعتبر الأكثر شيوعًا.
  • الكلام غير المنظم: يعاني الشخص المصاب من صعوبة في ترتيب أفكاره والتعبير عنها بوضوح، مما يؤدي إلى حديث غير مترابط أو الانتقال بين مواضيع غير مرتبطة بشكل عشوائي.
  • السلوك غير المنتظم: يظهر ذلك في السلوكيات التي تكون غير متوقعة أو غير مناسبة للمواقف الاجتماعية، مثل التصرفات العشوائية أو إهمال الاعتناء بالنفس أو في العمل.

الأعراض السلبية
تتعلق الأعراض السلبية بفقدان أو تقليص بعض الوظائف الطبيعية، مثل:

  • التعبير العاطفي المحدود (تسطح العاطفة): يصبح المصاب غير قادر على إظهار مشاعر معينة مثل السعادة أو الحزن، وتبدو مشاعره متجمدة أو غير واضحة.
  • فقدان الحافز والاهتمام بما يدور حوله، مما يجعل من الصعب على الشخص الانخراط في الأنشطة اليومية.
  • الانعزال الاجتماعي: يتجنب المريض التفاعل مع الآخرين ويفضل البقاء بمفرده.
  • صعوبة في بدء المهام أو الحفاظ على اهتمام مستمر بها، ما يؤدي إلى عدم القدرة على إتمام الأنشطة أو المشاريع.

الأعراض الإدراكية
قد تكون الأعراض الإدراكية غير مرئية للبعض، ولكنها تؤثر بشكل كبير على قدرة الشخص على أداء الأنشطة اليومية. تشمل:

  • ضعف الذاكرة العاملة: تصبح القدرة على تذكر المعلومات واستخدامها في اتخاذ القرارات أو التفاعل مع المواقف اليومية محدودة.
  • صعوبة في التركيز: يواجه المصاب صعوبة في التركيز على الأفكار أو الأنشطة المختلفة، مما يؤثر على قدرتهم على أداء الأعمال اليومية بشكل فعال.
  • صعوبة في معالجة المعلومات: قد يجد المصاب صعوبة في فهم أو تنظيم المعلومات، مما يؤدي إلى عواقب سلبية في اتخاذ القرارات اليومية.

تختلف شدة هذه الأعراض من شخص لآخر، وقد تتفاقم مع مرور الوقت إذا لم يتم علاج المرض بشكل فعال.

 

أسباب الشيزوفرينيا

لا تزال الأسباب الدقيقة التي تؤدي إلى الإصابة بالشيزوفرينيا غير معروفة بشكل كامل، ولكن الأبحاث تشير إلى أن هناك مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية التي قد تساهم في زيادة احتمالية الإصابة بهذا الاضطراب. يمكن أن تلعب هذه العوامل دورًا في تحفيز ظهور المرض في الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي له. من أبرز هذه العوامل:

1. العوامل الوراثية والجينية
يعتقد العلماء أن هناك تغيرات جينية قد تساهم في زيادة احتمالية الإصابة بالشيزوفرينيا. إذا كان أحد أفراد الأسرة المقربين مصابًا بهذا المرض، فإن احتمالية إصابة الأفراد الآخرين تزداد، رغم أن ذلك لا يعني بالضرورة أن المرض سينتقل بشكل مباشر. لا يوجد جين واحد محدد مسؤول عن الإصابة، ولكن يُعتقد أن تفاعل مجموعة من الجينات مع العوامل البيئية قد يؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة.

2. العوامل البيئية
يعتقد الأطباء أن العوامل البيئية تلعب دورًا في تحفيز تطور الشيزوفرينيا لدى الأشخاص المهيئين وراثيًا. من بين هذه العوامل:

  • التعرض للعدوى الفيروسية: قد يؤثر التعرض لعدوى فيروسية أثناء مرحلة الحمل أو في مرحلة الطفولة على تطور الدماغ بشكل طبيعي، مما يزيد من خطر الإصابة بالشيزوفرينيا. بعض الفيروسات يمكن أن تؤثر على النواقل العصبية في الدماغ أو تؤدي إلى تغيرات في بعض العمليات الدماغية التي قد تسهم في ظهور المرض.
  • التعرض للمواد السامة: المواد السامة مثل الرصاص أو بعض المواد الكيميائية قد تضر بالدماغ وتزيد من احتمال الإصابة بالشيزوفرينيا.
  • تعاطي المخدرات: المخدرات مثل الماريجوانا، الكوكايين، أو المواد التي تحتوي على الهلوسة قد تُحفز ظهور أعراض الشيزوفرينيا لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي. تعاطي المخدرات قد يسبب تغيرات في وظائف الدماغ مما يزيد من احتمالية الإصابة بالمرض.

3. اضطرابات الدماغ
تم العثور على اختلافات دقيقة في بنية الدماغ لدى الأشخاص المصابين بالشيزوفرينيا مقارنة بالأشخاص غير المصابين. هذه التغيرات تشمل أشياء مثل تغيرات في حجم بعض المناطق الدماغية أو في اتصالات الخلايا العصبية. مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذه الاختلافات ليست دائمًا موجودة في كل الأشخاص المصابين بالشيزوفرينيا، كما يمكن أن تظهر أيضًا لدى أفراد لا يعانون من أي اضطرابات نفسية، مما يعني أن هذه التغيرات ليست السبب الوحيد للمرض، بل قد تكون مجرد عامل مساعد.

4. مضاعفات الحمل والولادة
هناك دراسات تشير إلى وجود علاقة بين المشاكل التي تحدث أثناء الحمل والولادة وبين زيادة احتمالية الإصابة بالشيزوفرينيا لاحقًا في الحياة. من هذه المضاعفات:

  • انخفاض الوزن عند الولادة.
  • الولادة المبكرة.
  • نقص الأكسجين أثناء الولادة. يعتقد العلماء أن هذه المضاعفات قد تؤثر على تطور الدماغ وتزيد من قابلية الشخص للإصابة بالشيزوفرينيا في مرحلة لاحقة.

5. الضغط النفسي والإجهاد
الأحداث الحياتية المجهدة تعتبر من المحفزات النفسية الرئيسية لظهور أعراض الشيزوفرينيا، خاصة لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لهذا المرض. من بين هذه الأحداث:

  • الطلاق.
  • فقدان العمل أو المنزل.
  • وفاة أحد الأقارب. ورغم أن هذه الأحداث قد تساهم في تطور المرض، إلا أنها ليست الأسباب المباشرة له، بل تعمل كعوامل محفزة قد تؤدي إلى تفاقم الحالة في الأشخاص المهيئين وراثيًا.

6. العوامل العصبية والهرمونية
تُشير بعض الدراسات إلى أن التغيرات في النواقل العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين قد تلعب دورًا في تطوير الشيزوفرينيا. يُعتقد أن اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ، بما في ذلك فرط نشاط الدوبامين في مناطق معينة من الدماغ، يمكن أن يكون من العوامل المساهمة في ظهور الأعراض.

إن الشيزوفرينيا مرض معقد، ولا يوجد سبب واحد فقط يمكن أن يفسر الإصابة به. لكن تفاعل العوامل الوراثية مع البيئية والمعرفية يمكن أن يساهم بشكل كبير في تطور المرض.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى